ما الذي ينفع الميت؟

يجهد الناس بالحج الصيام… لإيصال الثواب للميت؛ يرهقون أنفسهم وإن أكثر ما ينفع الميت “الدعاء”؛ وهو أسهل وأقرب شيء، لأن ميتهم في عقلهم وقلبهم، فإذا ذكروه ترحموا عليه؛ فالدعاء يكون في كل وقت وعلى كل حال، ولا يحتاج لوضوء أو طقوس… ولكن الناس تزهد به، وتبحث عن غيره!؟
– والدعاء أصح ما ورد، ويكون بالأدعية الطيبة الحسنة مثل الرّحمة والجنّة والعتق من النّار والاستغفار: “إنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ (ابن ماجه 3660)”
– وتليه الصدقة: “عَنْ سَعْدِ ابْنِ عُبَادَةَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ (النسائي)”، وتكون الصدقة بالنقود أو الطعام أو الملابس وغير هذا من أنواع المال
كل هذا ينفع الميت، والدليل: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”
– وأيضا الحج عنه وكذلك العمرة، والأضحية
– أما قراءة القرآن فقد اختلفوا فيها، فقال النووي: المشهور من مذهب الشافعي أنه لا يصل. وقال ابن تيمية: “في هذه المسألة قولين (1) ينتفع به وهو مذهب أحمد وأبي حنيفة وغيرهما (2) لا تصل إليه وهو المشهور في مذهب مالك. ثم رجح القول بوصولها (الفتاوى ج24 ص315، ص366)
ولكنه قال في موضع آخر “لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا، وصاموا وحجوا، أو قرؤوا القرآن، يهدون ثواب ذلك لموتاهم… فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل (3/38)”
والذي نعتقده نحن أن ثواب قراءة القرآن لا يصل (وكنا في الشام نخالف قومنا في هذا الأمر، فلا يعجبهم رأينا!)

كسر جواله لأنها عالجت خطأه!

المشكلة

اكتشفت بالصدفة ان ابني الخجول العاقل يراسل بنتاً على “الفيس” وعلى “الواتس” صعقت تماماً، ولم أعد اعرف كيف أتصرف، وباللاشعور قمت بإرسال رسالة للبنت من جواله كتبت فيها: “سلام انا أم الأفندي الذي تكلمينه، وأنصحك نصيحة أم:  دعي الكلام معه لأن هذا شرعاً حرام وأنا  لا أرضى لك البهدلة التي ستحصل لك من أهلك ومني”، وترددت هل أبقي الرسالة أم أحذفها؟ ثم رأيت إبقاءها ليقرأها بنفسه، ولن تصدقي كيف كانت ردة فعله؛ ثار ثورة غير طبيعية حتى لفت نظر كل أهل البيت وأمسك الجوال وكسره فقط لأني كتبت للبنت تلك الرسالة، وأخذ يصرخ ويثرثر وأنا صامتة أستمع له، ولم أستطع مناقشته حتى. وأكثر ما أزعجه أن البنت ملتزمة (كما أقنعته ) ؟! وانه يكلمها كصديق! مع أنهما كانا يتحدثان عن أمور سطحية ولكنها غير أخوية فما رأيك

والجواب
كسر الجوال؟! من الخاسر إذن؟ وما ردة الفعل هذه التي تدل على طيش وطفولة؟
وبرأيي لا تشتري له غيره، ويجب أن تعاقبيه عقابا صارما، فأنت كأم لك الحق بالتدخل، وإبداء الرأي، ويجب عليك زجره -أولا- على قلة أدبه معك، قبل أي شيء آخر، وعدم السماح له بالتطاول عليك مرة أخرى.
إذ ليس له حق بلومك، وقد كتبت أنك والدته، إذ كان من الممكن أن تكتبي على لسانه، وتظن الفتاة أنه هو، ولكنك كنت صادقة.

وتصرفك ليس سيئاً، ولكن ربما لو فكرت قليلاً لوصلت لحل أفضل، وكان الأجدر أن تتفاهمي معه من قبل.

كيف تكون العلاقات على الفيس بوك؟

حين قرأت -قديما- عن “الفيسبوك” من أسسه، وكيف نشأ والغرض منه…. أصبحت ضده بكل طاقتي! واتخذت منه موقفاً عدائياً، وصرت أنزعج ممن ينضم إليه؛ وأصبح الفيسبوك –برأيي- برنامجاً لتضييع الوقت، يستهوي الصبايا والشباب الفارغين، وأما الشاب الجاد فيبتعد عنه حفاظاً على أخلاقه ومهابته ومكانته.
ومرت مدة جيدة، وتغير الحال وعرفت أن بعض الدعاة والشيوخ دخلوه، وأنه أصبح منبراً عاماً يمكن استعماله في الشر، ويمكن استثماره في نشر الخير، ودعم النصيحة، وتثبيت القيم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر… فدخلته على وجل مني، وصرت أتصفح وأترقب، حتى ارتحت إليه ومضيت فيه.
على أني اعتبرت صفحتي على الفيس صفحة من صفحات المجلات التي أنشر بها، فأكتب ما أحسبه مفيداً، وأضعه على الصفحة ليراه جميع الأصدقاء، وهكذا المجلات تكون مفتوحة لعموم الناس ليقرأ فيها من شاء.
ومن مزايا الفيسبوك أن المرء يسمع رأي الناس، ويعرف ردود أفعالهم، وينبهونه لما لم ينتبه إليه من أفكار وملاحظات.
ولكي تعم الفائدة جعلت صفحتي مفتوحة يدخلها من يشاء ويكتب ما يشاء، وابتعدت عن الموضوعات الخاصة، والمباسطة في الكلام.
الفيسبوك أصبح منبراً إعلامياً لمن أراد هذا، ولكنه يبقى موقعاً خطيراً، وتبقى له محاذيره، ويجب التعامل معه بانتباه، فلا يكتب فيه كل شيء، ولا يترك الشباب والفتيات على هواهم ليتواصلوا ويتعارفوا، وقد جاءني هذا السؤال:
أريد أن أسألك وأريد النصح منك في أمر طُلب مني: لدي حساب في الفيس جعلته لرفيقاتي وقريناتي وأقربائي، وحين تطاول علي العهد أصبح لدي أصدقاء غرباء عني من الذكور والإناث، منهم زملائي في العمل. فلما علم أخي بالأمر طلب مني حذف الذكور منهم، فهل لكلامه وجاهة؟
سؤالها أعجبني لأكتب ما يجول بخاطري:
لعل كلمة “أصدقاء” تثير الحفيظة! لما نعلمه من معناها الأصلي، فالصديق هو القريب، وهو موضع السر؛ ولكن الفيسبوك أصبح لكل الناس، وصديق كلمة عامة لا تحمل معنى الحميمية.
والفيسبوك كاسمه “للتواصل الاجتماعي العام” وصفحاته مفتوحة فيراها جمع كبير من الناس، مما يحجم الخصوصية. ويمكن جعل الصفحة الشخصية مغلقة فتصبح خاصة بالأقرباء والخلان، يتواصلون في الخفاء، فلا يعلم أحد ماذا يكتبون وماذا يفعلون، إلا إنهم يبقون معاً في مجموعة سرية.
ولكن هذا العالم جعل ليكون مفتوحاً ومفضوحاً، وليست فيه خلوة أو خصوصية، وكل كلمة تُكتب أو إشارة تُرسل يراها جميع الأصدقاء (طبعا سوى الرسائل الخاصة).
والناس يتواصلون فيه من وراء حجاب، فلا يتكلمون ولا يرون بعضهم بعضاً، وإنما يتبادلون الآراء والأفكار كتابة. وإذا بقي الوضع على هذه الطريقة كان جيداً ولا بأس فيه.
ولكن المشكلة الأولى أن بعض الفتية ما زالوا يستعملونه لإقامة العلاقات، والتعارف مع الفتيات وإيقاعهن في علاقات، والمشكلة الثانية أن خدمات الفيس تطورت وبدأت تظهر محاذير جديدة وإمكانية للتواصل بالكلام، فيجب الحذر منه والانتباه.
والخلاصة التي وصلت إليها:
1- ألا نعتبر الفيسبوك موقعاً للخصوصية، فإن كل ما يكتب فيه أو ينشر من الصور قابل للظهور والوقوع بأيدي الغرباء.
2- ولا بأس من وجود غرباء في الصفحة، شرط ألا يتم التواصل في الخفاء أو على الدردشة. وألا يتم التباسط معهم ورفع الكلفة.
3- أن تطرح -على الصفحات المفتوحة أو التي يكون فيها غرباء- موضوعات جادة ومفيدة، لكي يستفيد منها الجميع، ويحقق هذا التواصل شيئاً جميلاً.
نشرت في مجلة”المتميزة” الإليكترونية العدد 124

إعراض البنات عن الزواج

من المظاهر العجيبة في القرن الواحد والعشرين “إعراض الفتيات عن الزواج” و”تمسكهن بالدراسة”.
أصبحت الشهادة غاية سامية، وتصاغرت أمامها كل الغرائز والسنن التي وضعها الله، والفتيات يستبعدن الارتباط، ولا يتقن للزواج ولا يفكرن بالإنجاب بقدر ما يفكرن بالشهادة.
وليس ذلك لرغبتهن في العلم وإنما للتباهي والتفاخر وهذا أولاً، وأما ثانياً: فللأمان من غدر الدنيا.
وهذا من الآثار السلبية للعولمة، وصارت البنت تأنف من إنفاق الزوج عليها وترحب بالإنفاق على نفسها!؟ وترى في اعتمادها على زوجها إهانة لها، والحق أن جلوس المرأة في البيت معززة وإجبار الزوج على تأمين حاجاتها “منتهى التكريم”، هو يشقى ويتعب وهي تصرف وتتمتع، ألسنا في الجنة نجلس هكذا بلا عمل ونتمتع بالطيبات؟
وحتى في الدنيا لماذا يعمل الإنسان؟ ليوفر حياة كريمة ويؤمن حاجياته، فإن توفر له من يؤمنها فلماذا يعمل؟ ألا ترين كيف يُعين الأغنياء مديرين لمتابعة أعمالهم ويتفرغون هم لممارسة هواياتهم ولتنمية، مواهبهم؟! فلماذا لا تكونين مثلهم؟
ومن علامات الساعة انعكاس الأمور، فصار الرجل يخطب لجماله وحسبه، الشاب البشع والأسمر والقصير صارت فرصه في الزواج قليلة ولو كان غنياً فكيف إن كان فقيراً، وبل صارت هي الرجل
وطوبى لمن حازت الاثنتين وقد يكون الزواج مقدماً على الدراسة في بعض الأحيان، وفروع الدراسة متنوعة وأبواب العمل متعددة وستجدين إن شاء الله ما يناسب ظروفك ولا يتعارض مع طموحك.
نشرت في مجلة “المتميزة” العدد 122

عواقب التلاعب بالقيم

أعرف زوجاً كان يجبر امرأته على بر والديه وتقبيل أيديهما كلما دخلت عليهما من الباب، ويطلب منها التفرغ لأهل بيته، والقيام على شؤونهم جميعاً، فأصبح أهله وإخوته وأخواته مسؤولية زوجته، يعتمدون عليها ويتقاعسون عن واجباتهم… وانصرف هو إلى عمله آمناً مطمئناً أنهم في يد أمينة. وإن حبه لوالديه أنساه أن لزوجته أماً وأباً وأرحاماً، فجلعها تعتزل الناس، وتتفرغ لعائلته هو.
وكان يطالبها بالمساهمة مع أمه بأعمالها المنزلية، فتعمل في بيتها وحدها دون عون أو مساعدة، ثم تذهب إليهم و كأنها خادمة لتساهم بالطبخ والكنس والجلي… ولا تجد جزاء ولا شكوراً، بل طالما عوتبت وزجرت على سلوكها. وكان يطلب منها تفقد أحوالهم على مدار اليوم وإعداد الولائم لهم والترحيب بهم في بيتها، والنوم في غرفتها وبيتهم على مسافة قريبة من بيتها… فلما رزقه الله بالذرية تابع مع أولاده على نفس الطريقة، فكان يجبرهم على البر والخدمة ولا يشفع لهم مرض أو شغل أو سفر أو امتحان…
ومرت الأيام وأصبح الزوج ينفق على أهله وهو في ضائقة، وهم في سعة! ويضطر للاعتذار عن طلبات زوجته الرورية وهو المسؤول عنها ولا مورد لها سواه… ويمنع المال عن أولاده ليحقق لأمه الرفاهية (وهي موظفة تتقاضى راتباً شهرياً)، وتجرأ والده فصار يقبض منه المال وهو قادر على العمل والتكسب!؟ ولكن الطمع يجعل الإنسان يتصرف على طبعه الأصلي فتظهر حقيقة ما يَدَّعيه من المروءة والنخوة.
وكان أهله من الذين يسيؤون لزوجه ويظلمونها وأولادها، ولكن الزوج لم يعر لهذا اهتماماً، وظن أن العلاقة بين زوجته وأمه كعلاقته هو بها، فالابن يتسامح ويغفر، ولكن هل تستطيع الزوجة هذا، وهي لم تتلق (مثلما تلقاه هو) من الحنان والاهتمام؟! وإنما تلقت النقد والتجريح وقلة الاكتراث.
والمصيبة أن أمه ملكته حتى أنسته حقوق الناس جميعاً، فكانت تحدثه وتوعز إليه ما تشاء من الظلم والهضم وتكيل الاتهامات، وتوغر صدره وتحدثه حديث القاضي والمحامي والجلاد، فتتهم وتحكم وتحدد العقوبات… وهو مصدقها ومكذب الناس جميعا. فيمشي وراءها ويحيد عن طريق الصواب. وهو يظن أنه رجل بار، وتقي عادل، وحصيف ومنصف وفهيم. وأن أمه مثله… وهيهات هيهات.
وهكذا فإن كلام أمه وأبيه نفره من حميه حتى نسي إحسانهم إليه، فصرف زوجته وبنيه عن بر أمها وأبيها وأهلها جميعاً، وهم أحوج الناس إليها، فكان يؤخرها عن زيارتهم، بحجة أنهم يبدلونها، ويوغرون صدرها عليه، ويضع لها العوائق، وإذا ذهبت اتهمها بأنها سمعت منهم فتغيرت!؟
وإذا جاء ذكر أهلها تكلم عنهم بسوء، وانتقص منهم وسخر من سلوكهم… ولم يكن ليأمر أولاده ببرهم أو تفقد حاجاتهم أو تقبيل أيدهم أو الاهتمام برضاهم كما يفعل مع والديه، فهم برأيه لا يستحقون.
وليته عاشرهم أو عرف حقيقتهم، فما كان يتبع إلا الظن، و كان يكيل بمكيالين. ولا يهتم للقيم والأخلاق، البعيدة عن التعصب والأهواء، وظن أنه يحسن عملاً، وأنه أنتج جيلاً باراً.
والخلاصة أن القيم -كانت برأيه- له ولوالديه فقط، والاحترام والتقدير لمن يستحقهما ومن يستحقهما برأيه هم أهله وأقاربه، ومن يعجبه من الناس.
ولم تمض سنوات حتى كبر هؤلاء الأولاد وأصبحوا رجالاً أشداء، ولأنهم رُبوا على القهر والخدمة تمردوا، ولأنهم ربوا على انفصام الشخصية (فهنا التحية والسلام وهناك اللؤم والإعراض) نبذوا البر والطاعة لكل الأطراف، وظهر منه التمرد والعصيان على القهر والإذلال، ورفضوا الاستمرار على هذا الحال.
دهش أبوهم! ووقف لهم بالمرصاد، وأظهر الصلف والكبرياء، والتجبر والإصرار، وظن أنهم سيرضخون فضربوه وانصرفوا عنه! وقالوا لم نعد أولادك الصغار لتفعل بنا ما تشاء، فصعق وانهار، وأصابه مرض عضال.
وإن هذه القصة حقيقية، وإن فيها عبرة كبيرة لأولي الألباب:
1- فسلوك هذا الأب لم يرب محبة ولا مودة بين الأرحام، بل جعلها علاقة قهرية، فانهارت عند أول امتحان.
2- ولم يكن أهله من الذين يبادلون الإحسان بالإحسان، مما عزز عند أولاده مشاعر النفور والإعراض، ولو أنهم كانوا -كما يكون الأجداد- أولي كرم وإغداق لاستطاعوا تربية العلاقات بينهم وبين الشباب.
3- وإن الزوج الكبير الناضج لا تتلاعب العواطف به! فلا يدفعه حب أهله لبرهم، ونفوره من أهل زوجته لعقهم!؟
4- والأرحام لا يناسبها المشاحنات والبغضاء، والظلم ظلمات وإن الله يأمر بالتقوى والعدل بين الأمهات والآباء، وهو فضل أهله على أهلها، وأمسكها عنده. ومن يعمل سوءاً يجز به، والمكر السيء يحقيق بأهله، وهذا ما حدث للزوج.
أيها الناس، أيها المسلمون… أيها الأزواج والزوجات
القيم لا تخضع للأهواء! وإذا جعلها الناس هكذا أصبحت هباء!
عابدة المؤيد العظم

ما هي صغائر الذنوب؟

سألتني هذا السؤال سيدة تخرجت من كلية الشريعة بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف، ومعها خبرة تدريس عشرين سنة لمادة “الديانة” في المدارس الخاصة!
وسؤالها في مكانه، وهو منطقي؛ فنحن نسرد الكبائر ونعرفها جميعنا، ونعرف أنها متفاوته بالأهمية فمنها أكبر الكبائر “الشرك بالله”، ثم منها الكبائر الكبيرة: “اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”. وتوجد مجموعة من الكبائر تأتي بعدها بالمرتبة، مثل: “سوء الظن والنميمة والغمر واللمز…” وقد جمعها بعض العلماء، ومنهم الذهبي الذي أحصاها، ووصل عددها معه إلى مئة، ثم سردها في كتابه “الكبائر”.
والكبائر تُذكر كثيراً في تفسير القرآن وأثناء الوعظ وفي خطبة يوم الجمعة، فيُحذرون منها، ويذكرون حَدَّها، وعقابها الدنيوي والأخروي، حتى بات كل مسلم يعرفها.
ولكن إذا جئنا لنذكر الصغائر ونضرب لها الأمثلة لم نعرف ما هي! ولم نجدها في الكتب!
ولكننا نجد في المواقع والمطبوعات الفقهية تعريفها: “(الصغائر) ما عدا الكبائر، والتي ليس لها حد في الدنيا، ولا وعيد في الآخرة، ونقصد بالوعيد الغضب أو النار أو اللعنة”، وجاء أيضاً: “كل ما نهى عنه الشارع ولم يحدد له عقوبة هو صغيرة”.
وجاء أن الصغائر تُكفر باجتناب الكبائر، لقوله تعالى: “إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (النساء:31)”، وتكفرها كذلك الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وصوم رمضان: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر”. ووردت أحاديث بأن بعض الطاعات تكفر الذنوب، كصوم يوم عرفة وعاشوراء والعمرة، والصغائر تُكفر وتمحى بأمثال هذه الطاعات، وإن الحسنات يذهبن بالسيئات.
وقال ابن القيم: “الكبيرة قد يقترن بها (من الحياء والخوف، والاستعظام لها) ما يلحقها بالصغائر. وقد يقترن بالصغيرة (من قلّة الحياء، وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها) ما يلحقها بالكبائر. بل يجعلها في أعلى المراتب”. وروي عن ابن عباس أنه قال: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، وروي: “إياكم ومُحَقّرَاتِ الذنوبِ أي صغائر الذنوب… وإن مُحَقّرَاتِ الذنوبِ متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه”.
إذن الصغائر لو اجتمعت على المرء لأهلكته، ولو أصر عليها لأخرجته. فكان لزاماً أن نحددها ونضرب لها الأمثلة لكي يتجنبها الناس ويقلعوا عنها.
وأذكر هنا بعضها:
1- النظرة المقصودة (ولو بسرعة): سواء كانت لفتاة أجنبية، أو لورقة زميل في الامتحان، أو من شق الباب…
2- الإشارة الخفية: التي قد تجرح المشاعر، أو تشجع على منكر…
3- الكلمة: التي تحض على الإسراف، أو نبذ رأي الولي، والتي تدعو إلى الاهتمام بالسفاسف وتصرف عن المعالي، وتحبب البرامج الممجوجة للناشئة، والأغاني الخليعة…
4- السلوك: الذي يؤذي الآخرين، ويحد من حريتهم، أو يهين شيئاً من كرامتهم، أو يهضم حقاً بسيطاً من حقوقهم أو يستهين بممتلكاتهم…
وسوف أضرب الأمثلة المتنوعة:
من الصغائر دق الجرس على أبواب الآمنين بهدف إزعاجهم، والهروب خوفاً من المسؤولية. حك طلاء السيارات بآلة حادة مما يفسد شكلها ويعرضها للصدأ. حفر مقاعد المدرسة وتمزيق الكتب والدفاتر. التسكع في الطرقات بلا هدف سوى المباهاة وتضييع الأوقات مما يتسبب بزحم الأسواق والشوارع على المضطرين إليهما، والتعدي على الأولويات عند الإشارات المرورية، وأخذ دور الآخرين عند الالتفاف لليمين أو اليسار.
استعارة قلم أو كتاب أو أي أداة نافعة ثم تضييعيها، أو الاحتفاظ بها مدة، أو إعارتها لشخص ثالث دون إذن صاحبها، أو التفريط بها فتنكسر أو يُسكب عليها الماء أو يؤكل فوقها الطعام أو تتعرض للعبث والفساد… وقد لا يعيدها المستعير إلى صاحبها أبداً!
أو شحن الأجهزة المحمولة في مكان العمل لتوفير قيمة الكهرباء، أو الغياب عن العمل بلا عذر قاهر ثم تلفيق شهادة مرضية لكيلا يطير راتب اليوم، أو شراء أدوات للشركة وأخذ خصم عليها ثم إبراز فاتورة بسعرها الحقيقي، وقبض الفرق. استعمال هاتف العمل وسيارة العمل في أمور شخصية، حضور الولائم دون دعوة، شرب العصير وأكل الشيبس في السوبر ماركات وعدم دفع سعره…
هذا بعضها، والصغائر كثيرة جداً، وإذا كانت الكبائر مئة فإن الصغائر أضعافها، ونستنتج:
1- الصغائر جزء من الكبائر.
2- وأحياناً صورة مصغرة عنها.
3- أعمال ومقدمات قد تتطور إلى الكبائر ذاتها (فالذي ينظر لفتاة قد تتحول علاقته بها إلى سلام فكلام فموعد فلقاء)… ومن هنا خطورة الاستهانة بالصغائر.
وقولنا صغائر، لا يعني أنها حلال أو من المباحات، ولا يدل اسمها على التقليل من شأنها، فهي صغيرة أمام الكبيرة، ولكنها حرام في مقابلة الحلال، وهي ذنب وليست من المباحات فيعاقب المرء على فعلها، وينبغي على كل مسلم تركها، ولهذا ذكرتها.

هل الزواج قدر؟ أم لنا يد فيه؟

السؤال
عمري ٢٩ سنة، لم أتزوج بعد لأني واجهت مشاكل جداً بموضوع زواجي، وهذه قصتي:
أنا من سوريا ومقيمة بدولة خليجية، أرغب بشاب على نفس العادات، ولكن تقدم لي كثير من الشباب وكلهم بمستوى فكري وديني مختلف.
وفي بعض المرات وافقنا، ووصلنا للمراحل النهائية من الاتفاق على الزواج، ثم وفجأة يتوقف كل شيء!؟
ناس قالوا لي “سحر”! وناس قالوا لي “عين”، وتعيت نفسيتي كتيراً
من بضعة أشهر قامت رفيقتي وصديقتي الحميمة بخطوة جميلة وطلبتني لأخيها، وما كنت أعرف عنه أي شيء، ولكني أعرف أن والدتها صعبة جدا وقوية ومسيطرة على البيت.
ولا أدري لماذا، ومن دون أن أعطي لنفسي فرصة قلت لها خلينا رفقة وبلا من قصة الزواج.
ثم سمعت من الناس إنه الشاب ممتاز، وعرفت أنه كما أتمنى وكما أحلم لنفسي وأحب وأرضى، من حيث الشكل والدراسة والمستوى العلمي. فقلت لنفسي أعطي لنفسي فرصة وأكلم رفيقتي.
ولكني سمعت أنه خطب
فاتأثرت وصرت ألوم نفسي واكتئبت وصرت أبكي فالشاب الذي تمنيته وحلمت به ضيعته بلحظة، وصرت أدعو الله أن يعيده لي، ثم خفت أني أرتكب إثما بدعائي هذا.
ملاحظة: أنا إنسانة عجولة كتيرا وحياتي كلها مشاكل بسبب تهوري، وندمانة اني ماعطيت نفسي فرصة، ومحتاجة منك توجهيني وتنصحيني…
والجواب
أما قولهم عين وحسد… فلا أتوقع هذا (وإن كانت العين حق) فوضعك يشبه وضع الكثيرات، ولكن لا بأس أن تقرئي المعوذات بعد كل صلاة وقبل النوم، ولنفترض أنه عين وحسد أو سحر، فإنه لا يكون أيضاً إلا بقدر الله وتقديره، ولكن الناس لا يعلمون، ويحبون اللوم، ويسعدون بتعليق الأمور بالغيبيات والأوهام.
وكثير من الناس يعتقدون أننا السبب في فوات الفرص، مع أن النبي عليه السلام قال ما معناه: “اعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك”
فارتاحي، وتأكدي أنه نصيبك، كله بقدر الله وقدره، وكله مكتوب من قبل، ولهذا رفضته أنت الزواج منه. وكان من الممكن أن يحدث معك العكس فتوافقين ثم تندمين ندماً شديداً، والواقع يؤكد أن أكر الناس يندمون على القبول أكثر من ندمهم على الرفض!
وقولك أن والدته صعبة “أمر مهم” ويحتاج إلى وقفة، ومعك حق أن تترددي في قبول الزواج من أجل سبب كهذا، ولعل الله صرفه عنك لمثله.
وأما قولك أنك عجولة، فالله سبحانه بين أن خلق الإنسان من عجل، وخلق الإنسان عجولا، ولا تلومي نفسك على “تسرعك” فهذا طبع فيك، وهو جبلة، والطبع الأصلي من الصعب تغييره، ولكن لا بأس أن تدربي نفسك على التروي في مرات قادمة، وحبذا لو تستعيني برأي والديك أو من تثقين به، حين يأتيك عريس آخر… أو حين يواجهك أي شيء في حياتك.
والخلاصة، إن الزواج من الأشياء التي ليس لنا فيها خيار، وهو قضاء وقدر، وهو مثل العمر والرزق والأجل يكتبه الملك منذ نفه الروح ولا يمكن تغييره، فلا تحزني، ولو كان كان هذا الشاب لك ومن نصيبك، لرده الله إليك ردا جميلاً.ا
فاطمئني، وادعي بما تشائين، فلا بأس في هذا، والدعاء مشروع، والله لا راد لحكمه وسوف ييسر ما يشاء لك

هل أدرس ما أحبه؟ أم ما يتيحه معدلي العالي؟

السؤال
السلام عليكم أستاذة عابدة، أود أن آخذ استشارتك في موضوع يتعلق بدراستي و الفرع الذي سأختاره:
درست البكالوريا علمي في سوريا و كان مجموعي عاليا مما خولني دراسة “الهندسة”، درستها فصلا واحدا ثم سافرت مع أهلي إلى الخليج، وحيث أقيم لم تتح لي الهندسة طبية فدخلت كلية العلوم لأتخصص في فرع التغذية كونها الأنسب للبنت (لا لميولي)!
قبل التخصص درست موادا تتعلق بالفرع فلم أنسجم معها بتاتا و كرهتها لأنني أعلم في قرارة نفسي أنها لا تناسبني و لا أحبها .
قبل أن أكمل يجب أن أضيف معلومة صغيرة، في السنتين الماضيتين بدأت معالم شخصيتي تتضح في ذهني أكثر، و بدأت أعلم ما هي الأمور التي تشدني وأميل لها وهي الأمور و القضايا الدينية و الاجتماعية… حتى بأوقات فراغي أصبحت هي التي تستحوذ تفكيري، إن كان بالاطلاع عليها أو بالبحث عنها أو بالاستمتاع بها ..

أكمل، وبعد أن ضجرت من مواد كلية العلوم بدأت أبحث عن بديل فهداني الله لتخصص “الدعوة و الإعلام” في كلية الشريعة فشعرت أني وجدت ضالتي، سألت عن الفرع و مواده و مستقبله فرأيته يطابق ذاتي تماماً و يخدم قضيتي في الحياة، فقررت التحويل اليه. ولكن المشكلة العظمى أن جميع عائلتي رافضة رفضا تاما للفكرة و لا أجدهم يرددون سوى “من الهندسة إلى الشريعة !!!! ” و لا يكفون عن النقد اللاذع تارة و ” المسخرة ” تارة و النصيحة باللهجة الشديدة تارة أخرى
إذ أنهم يرون أن الشريعة يمكنني أن أدرسها خارج إطار الجامعة .. و في الجامعة يجب أن أدرس تخصصا علميا له قيمته و هيبته ” بين الناس ”
و يعتقدون اني لا أسمع لهم و لا أكترث لرأيهم و لا يهموني … و أنني عنيدة متيبسة العقل غير لينة !!
مع العلم أنني أعاملهم بكل احترام و أدب و لا أرفع صوتي بهم و أدعهم يكملون كلامهم دون مقاطعة و لكن فكرتهم عني لم تتغير
أريد استشارتك في قضية الدراسة و في قضية تعاملي مع أهلي ..
و جزاك الله عني خير الجزاء

والجواب:
أما تعاملك مع أهلك فيبدو من وصفك أنك مهذبة وخلوقة، وتنصتين وتفكرين، ثم تجيبين بأسلوب جيد… فهذا جميل واستمري عليه.
وأما قولك عن الدراسة، فإني أنصحك بلا تردد وبلا شك أن تدرسي ما تحبينه
وقولهم لك يمكنك دراسته فيما بعد خطأ. والفتاة تكسل عن المتابعة وحدها، وتشغلها ظروف الحياة، كما أن الناس والمؤسسات لا تعترف إلا بالشهادة، والعلم الحقيقي النافع يحتاج لمعلم ليعطيك مفاتيحها، وبعد ذلك تتابعين وحدك.
وإن الفرع الذي اخترته مهم جداً، ولقد أصبحت الدعوة والإعلام أهم ما نحتاجه، وسيكون لك دور كبير في الصحوة والإصلاح إن شاء الله.
فتابعي على بركة الله، ولا تكترثي لكلامهم، فالقضية قضيتك وأنت أدرى بها.

ُيلحّون بشراء الألعاب ثم يكسرونها!

السؤال:
أنا أعيش في الغربة، وأولادي يطلبون مني دعماً مادياً أكبر لهم، ومصروفاً أكثر، وشراء ألعاب غاليه الثمن، ويشترونها أحياناً من عيدياتهم، ولكنهم يملون منها بسرعة، وأحيانا يفسدونها في نفس اليوم.
ولذلك لم أعد أشتري لهم ما يطلبون، هل هذا التصرف جيد؟
علماً ان زوجي ضد شراء ألعاب غالية بسبب عدم حفاظهم عليها، وحين كنا في سوريا كان الوضع المادي أفضل، أما اليوم فنحن على الحافة!
زوجي كريم معهم، لكن يقول لأحدهم حين يختار لعبة: “هذه اللعبه غالية وتكفي مصروف أسبوع كامل”، فما رأيك هل هذا تصرف جيد؟ أم أشتريها؟
خاصة وأن زوجي لا يعطيني إلا مصروفا على قدر الحاجة تماماً، ولا يزيد قرشاً، فأضطر لصرفهم كلهم
ولكني سمعت من بنتي التي عمرها 5 سنوات، أنها تحب والدها أكثر مني، وتكرر هذا الكلام من إخوتها، والحقيقة أنا حزنت كثيراً بعد سماع هذا الكلام
وأصبحت في صراع، إذا أعطيت أولادي نقص مصروف البيت وسمعت نقد زوجي، وإذا لم أعطهم تلقيت الاتهامات من أولادي وخسرتهم.
فما الحل الأنسب برأيك؟
والجواب:
نعم أختي الكريمة، ليس جيدا أن تشتري لهم الألعاب إن كانوا يخربونها، وخاصة الغالية منها، ومادام هذا رأي زوجك، فأصري عليه وانسبيه له، واجعليه قانونا للبيت، ويمكنك من خلال ذلك أن تعلميهم المحافظة على الألعاب:
إذ من المهم أن يعرف أولادك أن رفضك الشراء ليس مادياً، وليس لعدم قدرتك على شراء الألعاب، وإنما هو بسبب سلوكهم التخريبي، فإذا أقلعوا عنه فقد تغييرين رأيك
فقولي لهم بوضوح أن رفضك للشراء ليس بسبب المصروف، وليس بسبب غلائها وإنما بسبب قلة تقديرهم لها واستهتاره فيها ومللهم منها.
وأمر مضحك أن يطلبوا منك زيادة المصروف، ثم يقنعونك أنهم سيشترون اللعب من مصروفهم؟! فالمال للبيت كله، وحين يهدرونه يهدرون مال العائلة كلها.
وأنصحك ألا تشتري لهم اللعب في أي وقت، وأخبريهم أن اللعب تشترى بالمناسبات، في العيدين، وممكن عند النجاح كهدية ومكافأة أو في العطلة النصفية والصيفية فقط، ولا عبرة بمصدر المال! وإنما العبرة بالحاجة إلى اللعب وإلى الوقت المناسب للعب بها.

وأما قضية الفروق بين الأم والأب… فهذه ذات شجون، كلنا نشتكي منها!
وسوف أكتب عنها منشوراً خاصاً إن شاء الله.
وأقول لك الان:
الحل أن تطلبي من زوجك مصروفا أكبر قليلا من حاجتك، لكي تكمي الأولاد به. وأن تقنعيهم أنك تشاركين والدهم فيما يقدمه لهم وأن هذه المكاسب والأعطيات منه ومنك، وأن مصروفهم جزء من مصروف الأسرة الكبير وكلما زاد ما يأخذونه من مصروف خاص قل العطاء الكبير للبيت … وقل حظك أنت منه، وإذا كان الأطفال يشتهون اللعب فإن الأم تشتهي الحلي… ولكنها تمنع نفسها من أجل العائلة، وهكذا ينبغي أن يكون الأولاد، ذلك أن موارد الأب محدودة (وهو يعيش على وظيفة حكومية)، وعلى ألإراد الأسرة التعاون والتفهم.
وأعلميهم أن أبوهم يوزع المال بينكم، وهم يأخذونه لينفقوه على هواهم، وأنت تأخذينه لتنفقي على البيت وعلى لوازمهم فيعود إليهم مرة أخرى!
وأن زوجك يعطيك بمقدار هذه الحاجة فقط والموضوع ليس تقصيراً من جانبك، ولو أنك تصرفت بالمال لما بقي لهم يكفي من الطعام والشراب، وأتأمل أن يفهموا عليك!
وأنصحك أخيراً بتحري الرخص، ومحاولة التوفير من هذا المال ثم قدميه لهم أعطية ومكافاآت حين يسمعون الكلام، كما أنصحك بأن تشاركي زوجك وتظهري في الصورة حين يقدم المال للأولاد، لكي يبدو لأولادك أنك تساهمين في الكرم والعطاء.
ويجب أن يعرف الأولاد أن رفض شراء اللعب الغالية هو رأي والدهم وليس رأيك، ولعل هذا يبيض صفحتك!

مشكلات بين أولادي بسبب الغربة

السؤال:
اخت عابده
انا سوريه اقيم في مصر،عندي مشكله وحابه استشيرك فيها لو سمحت: عندي 5 ابناء الكبير عمره12، والاصغر 11، الثالث7 والرابعه5 والخامس بعمر سنة
1- عندي عده مشاكل مع أبنائي تبدأ من الكبير يمشي بالمسايرة، ولكنه عنيد ويرفع صوته على صوتي، فاضطر لضربه ليعلم أن لي سلطه عليه، وهو لا يقدم على المشاكل لأنه لا يحب أن يتعرض للنقد
طبيعته جدي ولكنه أصبح هزلياً بطريقة غير لطيفة، ويعمل حركات بوجهه.
ذكي ما شاء الله وعنده سرعه بالحفظ ويفتقد ثقته بنفسه إلى حد ما إذا كان معه أحد من معارفنا من أقرانه.
يغار من أخيه الثاني الأصغر منه، وأخوه مختلف عنه، فهو اجتماعي ويتوق لمساعدة الناس، ويتصيد أخطاء أخيه… أكلمه أنا بطريقة هادئة وأطلب منه العدول عن سلوكه، ويتعاطف معي ويعدني أنه سيغير أسلوبه مع إخواته ثم يرجع لنفس الاسلوب.
فكيف هي طريقه التعامل المثلى معه، خاصه أن زوجي ليس موجوداً معنا؟
2-المشكله الثانيه مع أخيه الثاني الذي يضرب إخوته وأخواته كل الوقت،
والصراحه من وقت الثورة تعلموا الكلام البذئ من الأناشيد التي تسب بشار، وكأنها كلمات عادية، ساهم الوضع بالبلد بالاستمرار عليها، فهنا حدث ولا حرج عن السب والشتم في المدارس، والمستوى الأخلاقي متدني الى حد ما.
وهو لا يسمع الكلمه بسرعة ويجادل.
طبعاً أصبحت أضربه، باليوم حوالي 20مرة هذا الشيء متعب ولكنه لا يستوعب!؟ انا تعبت منه، وهو يزعج إخوته ويعمل مشاكل ويضربهم.
الذي يراه يقول عنه رايق وهادي لكنه يغار من أخيه، وهو فعلا رايق لولا ذلك.
كيف بدي عدل من أسلوبي وأسلوبه بالتعامل؟!
ويتقصد أن ينعت أخاه بعبارات لا يحبها، مثل أنت سمين أو أناني…
أنا تعبت كثيراً، وحماتي تلقي اللوم علي وتقول أني مدلعة الأولاد. وبالذات التاني.
علاقتي مع حماتي طيبه الحمدلله، نسكن معاً، وهي تساعدني في تربيتهم
3- وأصبح أولادي كلهم يتبولون على أنفسهم ليلاً.
ساعديني ساعدك الله
والجواب
واضح جداً أن أولادك يعانون نفسياً من الغربة، ومن البعد عما ألفوه في بلدهم في سوريا، ومن غياب والدهم عنهم، ومن بعضهم بعضاً… ومن أشياء كثيرة، ولا شيء يزيل هذا سوى التوافق العائلي والتفاهم والتقارب بينكم جميعا، ويجب أن تهدئي وتتركي الضرب، وتبحثي عن حلول أخرى.
أنا ضد الضرب أصلاً، وهاقد جربِته حضرتك مع أولادك، ولم يُفد شيئاً، والحقيقة أنه وسيلة تربوية فاشلة جداً ، فلا يجوز استعمالها إلا في الضرورات القصوى، والتفاهم والودة أفضل وأجدى بين الأمهات والأبناء.
1-رائع أن يكون لك سلطة على أبنائك، ويجب أن يبقى هذا قائماً مهما كبروا، ولكن السلطة تتحق بالكلام والتفاهم.
وإن ابنك الكبير بدأ ينتقل لمرحلة الرجولة، وعليك تقدير ذلك، وربما هو يعاني ويتألم، وبدل أن تضربيه ارفعي معنوياته وساعديه ليكون متوازنا وسندا لك، فامدحي فيه ذكاءه وسرعة حفظه… ومادام يأتي بالمسايرة لاطفيه، وسايريه، ويبدو أن تكوينه وشخصيته مهيأة ليكون شيئاً، وإن احترامه لنفسه وكرهه لأن ينال أحد منه بكلمة وبعده عن المشكلات… كل هذا لصالحك، فلا تهيني كرامته بالضرب أو الكلام الجارح، وتجنبي لومه أمام الناس وأمام إخوته.
بل اجعليه رفيقاً لك، وخذيه دائماً على جنب واسهري معه واشكي له همومك مع إخوته، واطلبي مساعدته في أن يكف هو يده عنهم ويوافيك بأخبارهم لأنه أقرب لهم.
ولكن امنعيه من رفع صوته عليك، وافعلي هذا بكلامك وحزمك وإصرارك، وكلما رفع صوته قولي له: “اخفضه بحضرتي” هكذا قولي بهدوء وعزم وتصميم… وقولك صار هزلياً فهذا دليل قاطع على معاناة يحاول أن يخفيها عنك، فافهميه وكوني معه، وقدري مشاعره وأحزانه، وربما يفعل هذا ليعوض حزنه وألمه من شدتك معه.
وإن تصيده لأخطاء أخيه وشعوره بعدم الثقة أمام أقرانه، دليل على أنه مهتز في داخله، وعاجز عن تقدير ذاته، ولديه شعور بالنقص -رغم تفوقه- فساعديه ليعرف قدر نفسه، قولي له عن صفاته الحسنة ومواهبه، ليعلم أنها ظاهرة للناس وأنك تقدرينها. وهذا السبب الذي يجعله “يعدك ويخلف وعده”، فإن أحزانه تكبر عليه، وقلة ثقته بنفسه تجعله يرجع عن وعده.
فكلميه كلاماً جاداً مثل كلام الرجال! قولي له وعدتني أنك لن تفعل وهذا يعني لن تفعل، وإذا فعل ذكريه فوراً، وعاتبيه برقة، وبثقة بأنه نسي وأنه لن يكررها.
2- ويبدو أن ابنك الثاني يعاني المعاناة نفسها، فسلوكه وضربه لإخوته يدل على محاولاته تنفيس غضبه أو إثبات ذاته، وإذا نصحتك أنت بالتوقف عن الضرب فمن الأولى أن تمنعي أولادك عنه، بل يجب أن يتوقف فوراً عن هذا، فامنعيه بأي شكل، سواء حبسه في غرفة أو منع المصروف عنه أو أي شيء يؤلمه.
وأما السب فحاولي أن تنهي عنه وتحذري منه، فإن لم تتمكني فليكن كما بدأ ، وأقصد ذكريهم أنه بدأ لسب بشار والنظام، أي السب للناس السيئين جداً، فلا يجوز أن يسبوا بعضهم بعضاً بمثل سباب هذا المجرم، فهم أكرم من هذا. فإن لم يستجيبوا فأخري هذا الموضوع قليلاً.
وأما مستوى المدارس، فالشكوى لله، ولا تظني المدارس في البلاد العربية أفضل وأجدى، بل هي غير جيدة في كل مكان.
3-الغيرة قد تكون سببا لتلك المظاهر التي ترينها، ومثلها التبول، والغيرة عرض طبيعي بين الإخوة، ولكنه يزداد أحياناً حتى ليفقد الصبي ثقته بنفسه، ويجعله لا يكف عن مقارنة نفسه بإخوته، مما يتسبب بالضغائن بينهم.
والحل أن تبحثي عن الصفات الجيدة في كل طفل وتبرزيها وتمدحيها وترفعي منها وتنمي مواهب كل صبي لكي يشتغل بها عن إخوته.
والخلاصة، أنكم جميعاً بحاجة لدعم نفسي، وستحصلون عليه من بعضكم بعضاً، فحاولوا صنع جو عائلي دافئ، والحمد لله أن حماتك معك وعلاقتك بها جيدة فاستعيني بها وبخبرتها في الحياة، ولعل الأمور تتحسن.